والثاني وهو الدليل النقلي المحض لا يتصور إذ صدق المخبر لا بد منه حتى يفيد الدليل النقلي العلم بالمدلول وأنه لا يثبت إلا بالعقل وهو أن ينظر في المعجزة الدالة على صدقه ولو أريد إثباته بالنقل دار أو تسلسل والثالث يعني المركب منهما هو الذي نسميه بالنقلي لتوقفه على النقل في الجملة فانحصر الدليل في قسمين العقلي المحض والمركب من العقلي والنقلي هذا هو التحقيق ثم إنه قد يقسم الدليل إلى ثلاثة أقسام فيقال مقدماته القريبة قد تكون عقلية محضة كقولنا العالم متغير وكل متغير حادث وقد تكون نقلية محضة كقولنا تارك المأمور به عاص لقوله تعالى * (أفعصيت أمري) * وكل عاص يستحق العقاب لقوله * (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم) * وقد يكون بعضها مأخوذا من العقل وبعضها من النقل كقولنا هذا تارك المأمور به وكل تارك للمأمور به عاص فلا بأس أن يسمى هذا القسم الأخير بالمركب من العقلي والنقلي فظهر صحة تليث القسمة كما وقع في عبارة بعضهم والمطالب التي تطلب بالدلائل ثلاثة أقسام أحدها ما يمكن عند العقل أي مالا يمتنع عقلا إثباته ولا نفيه حتى ولو خلى العقل وطبعه وترك مع ما عنده لم يحكم هناك بنفي ولا إثبات نحو جلوس غراب الآن على منارة الإسكندرية فهذا المطلوب لا يمكن
(٢٠٤)