المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ١٨٩
بهما معا في شيء واحد لا يقال عدم دليل النبوة يدل على عدمها قطعا فإنا إذا لم نجد مع إنسان ما يدل على نبوته جزمنا بأنه ليس نبيا بلا شبهة بخلاف عدم دليل عدمها فإنا إذا لم نجد معه ما يدل على عدم نبوته لم نجزم بأنه نبي فليس يلزم من كون عدم دليل الوجود مستلزما للنفي كون عدم دليل النفي مستلزما للوجود حتى يلزم ما ذكرتم من الجزم بالنقيضين معا وأيضا يلزم هنا أي من كون عدم دليل النفي مستلزما للوجود إثبات ما لا يتناهى وهو ممتنع ويلزم ثمة أي من كون عدم دليل الوجود مستلزما للانتفاء نفيه أي نفي ما لا يتناهى ولا يمتنع هذا النفي فظهر الفرق واندفع الإشكال لأنا نقول الجزم بعدم ثبوته أي نبوة من لا نجد دليلا على نبوته ليس لذلك المدرك الذي هو عدم الدليل على نبوته بل للدليل القاطع الدال على أن لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ولولا هذا القاطع لما جزمنا بعدم نبوته وأما الثاني أي الجواب عنه فالغرض مما ذكرنا ليس هو أن الاستدلال بعدم دليل النفي على الثبوت طريق مستقيم حتى يتجه علينا أنه يفضي إلى إثبات مالا يتناهى بل الغرض أنه لا فارق بينهما أي بين الاستدلال بعدم دليل الثبوت على النفي والاستدلال بعدم دليل النفي على الثبوت في العقل فلو جاز الأول جاز الثاني لكنه ممتنع لوجوه منها ما ذكرتم من أنه يلزم منه إثبات ما لا يتناهى وإنما يتمشى هذا الجواب لو أثبت الملازمة بين جواز الأول وجواز الثاني لكنها لم تثبت ودعوى عدم الفارق مع ظهوره غير مسموعة الطريق الثاني من ذينك الطريقين الضعيفين قياس الغائب على الشاهد وإنما يسلكونه إذا حاولوا إثبات حكم لله سبحانه فيقيسونه على الممكنات
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»