نفس الأمر متصفة بالعدم فيها وأنه باطل وهو أي مفهوم المعدوم هو المتميز لكونه متصورا ولكونه محكوما عليه بالانفصال بينه وبين الموجود وهو الثابت لكونه متميزا وهذا الذي ذكره جواب عن الوجهين الأولين وتوضيحه أن يقال إن أردتم بما ذكرتم في الوجه الأول من أن أجلى البديهيات يتوقف على تصور المعدوم أنه يتوقف على تصور ذات المعدوم فهو ممنوع وإن أردتم به توقفه على تصور مفهوم المعدوم فهو مسلم ويلزم حينئذ أن يكون مفهوم المعدوم متميزا وثابتا في الذهن ولا استحالة فيه إنما المستحيل أن يكون ما صدق عليه مفهوم المعدوم المطلق ثابتا بوجه وإن أردتم بما ذكرتم في الوجه الثاني من أن أجلى البديهيات يقتضي تميز المعدوم عن الموجود أنه يقتضي تميز ذات المعدوم المطلق حتى يلزم أن يكون ذاته ثابتا بوجه ما منعناه وإن أردتم به أنه يقتضي تميز مفهوم المعدوم المطلق كما هو الظاهر من عبارتكم سلمناه فيكون لمفهومه حقيقة وللعقل سلبها فهناك عدم خاص قد عرض لمفهوم المعدوم مطلقا وليس في ذلك كون قسم من الشيء قسيما له وإنما يلزم هذا في رفع حقيقة العدم ولا استحالة فيه أيضا إذ يكون عدم العدم المطلق من حيث أنه رفع للعدم المطلق قسيما له ومن حيث أنه عدم خاص قسيما منه والحمل أي حمل الموجود على السواد إنما صح للتغاير مفهوما فإن مفهوم السواد مغاير لمفهوم الموجود والاتحاد هوية أي ذاتا صدقا عليه فلا يلزم ههنا عدم الإفادة كما في قولنا السواد سواد ولا الحكم بوحدة الاثنين فهذا جواب عن الدليل الثاني في الشق الأول الذي هو طرف الثبوت من الترديد الأول من الوجه الثالث أعني قوله وأيضا فإنه حكم بوحدة الاثنين وترك جواب الدليل الأول في هذا الشق أعني قوله فهو في نفسه معدوم اعتمادا على ما سيجيء من أن الماهية في حد ذاتها ليست موجودة ولا معدومة وأنه ليس يلزم من كون
(١٠٣)