صفات الرب جل وعلا - الواسطي - الصفحة ٢٠
الفوقية بفوقية المرتبة والاستواء بالاستيلاء فنحن أشد الناس هربا من ذلك وتنزيها للباري سبحانه وتعالى عن الحد الذي يحصره فلا يحد بحد يحصره بل بحد تتميز به عظمة ذاته عن مخلوقاته والإشارة إلى الجهة إنما هو بحسب الكون وأسفله إذ لا يمكن الإشارة إليه إلا هكذا وهو في قدمه سبحانه منزه عن صفات الحدوث وليس في القدم فوقية ولا تحتية وإن من هو محصور في التحت لا يمكنه معرفة بارئه إلا من فوقه فتقع الإشارة إلى العرش حقيقة إشارة معقولة وتنتهي الجهات عند العرش ويبقى ما وراءه لا يدركه العقل ولا يكفيه الوهم فتقع الإشارة عليه كما يليق به مجملا مثبتا لا مكيفا ولا ممثلا وجه آخر من البيان هو أن الرب سبحانه ثابت الوجود ثابت الذات له ذات مقدسة متميزة عن مخلوقاته يتجلى يوم القيامة للأبصار ويحاسب العالم فلا يجهل ثبوت ذاته وتمييزها عن مخلوقاته فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيز وهو سبحانه في قدمه منزه عن المحل والحيز فيستحيل شرعا وعقلا عند حدوث العالم أن يحل فيه أو يختلط به لأن القديم لا يحل في الحادث وليس هو محلا للحوادث فلزم أن يكون بائنا عنه وإذا كان بائنا عنه فيستحيل أن يكون العالم في جهة الفوق وأن يكون الرب سبحانه في جهة التحت هذا محال شرعا وعقلا فيلزم أن يكون فوقه بالفوقية اللائقة به التي لا تكيف ولا تمثل بل يعلم من حيث الجملة والثبوت لا من حيث التمثيل والتكييف وقد سبق الكلام في أن الإشارة إلى الجهة إنما هو باعتبارنا ذلك لأنا في محل وحيز وحد والقدم لا فوق فيه ولا جهة واستحالة علوها عليه فلا يمكن معرفته والإشارة بالدعاء إليه إلا من جهة الفوق لأنها أنسب الجهات
(٢٠)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»