كتاب أمثال الحديث - ابن خلاد الرامهرمزي - الصفحة ٦٧
(مثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا وإن مثل المؤمن مثل القطعة الجيدة من الذهب أدخلت النار فنفخ عليها فخرجت جيدة).
قال أبو محمد:
هذا مثل للمؤمن في صحة عقده وعهده وسره وعلانيته وسائر أحواله، ومثل بالنحلة تارة وبالقطعة من الذهب تسبك فيعود وزنها مثله قبل سبكها لصفائها وخلوص جوهرها، لأن الخالص من الذهب لا يحمل الخبث ولا يقبل الصدأ ولا تنقصه النار ولا يغيره مرور الأوقات، وكذلك المؤمن في حال منشطه ومكرهه وعسره ويسره على بينة من ربه ويقين من أمره لا ينقصه الاختبار ولا يزيله عن إيمانه ويقينه تفرق الأحوال.
والذهب أسنى الجوهر وأشرفه، ويقال للشيء في بلوغ الغاية في تفضيله وشرفه وخطره: كأنه الإبريز الخالص. وما هو إلا الذهب الأحمر.
وقال بعض الشعراء:
كالخالص الإبريز إن لم تجله * فجلاؤه فيه وإن صحب الأبد لا يستحيل على الليالي لونه * أنى وجوهره شهاب يتقد وقال آخر:
لا يعلق العار جنبي إن رميت به * نأيت عنه كما لا يصدأ الذهب وحدثني عبدان بن أحمد بن أبي صالح صاحب التفسير عن عمرو بن محمد الزنبقي البصري عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: من أحب أن ينظر إلى رجل صيغ من ذهب فلينظر إلى الخليل بن أحمد ثم أنشأ يقول:
قد صاغه الله من مسك ومن ذهب * وصاغ راحته من عارض هطل والنحلة كريمة تغتذي بألطف الغذاء وأشرف ما يغتذي به ذو حياة، وتمج العسل وهو أطيب طعام وأعذبه، وإليه المثل في الحلاوة التي هي أعجب الطعوم مذاقا وأفضلها مأكولا ومشروبا، وأوقعها من النفوس مواقع الغاية ويقال إنها بإذن الله
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست