الكافي - ابن عبد البر - الصفحة ٥٩٣
فإن سرى إلى مثل ما سرى إليه جرح المجروح كان به وإن زاد عليه كان هدرا وإن قصر عنه ضمن أرش الزيادة السارية وإن شجه موضحة عمدا فذهبت منها عيناه أو صارت منقلة أو قطع أصبعه فشلت منه يده ففيه القصاص فيما جنى والأرش فيما سرى ويجتمع عند مالك قود وعقل في عضو واحد وضربة واحدة ولا يقتص في الجراح للمسلم من الكافر ولا للحر من العبد ولا قود بينهم فيها لأنا لو أخذنا يد الكافر بيد المسلم أو يد العبد بيد الحر كنا كمن أخذ يدا معيبة بيد سالمة ولا يقتص لصحيح اليد من أشلها ولا لقائم العين من صحيحها فإن كان العيب يسيرا مثل ضعيف البصر أو كانت اليد تنقص أنملة أو أصبعا فالقصاص بينهما وما لا قصاص فيه من جراحات العمد ففيه العقل وفي مال الجاني على اختلاف من قول مالك في ذلك وهذا هو الصحيح وبه أقول ومن قطع يمنى غيره ولا يمين له لم تؤخذ شماله بيمين المقطوعة يمينه وكان عليه ديتها ولو فقأ أعور العين اليمنى يمنى عين غيره لم يقد من يسرى عينيه وكان عقل العين عليه وسواء رضيا بذلك أم لا يجبر كل واحد منهما على ما ذكرنا ومن وجب عليه قطع يده فعدا عاد عليه فقطع يده كانت يد المعتدي عليه للمقطوعة يده أو لا يقطعها إن شاء أو يصالحه عنها هذا ان كان الثاني في قطعها عامدا كما كان الأول وإن كان مخطئا فليس للمقطوعة يده أولا إلا الدية وليس له أن يأبى من قبولها لأنه قد كان استحقها وما فيها ومن وجب عليه قطع يمينه قصاصا فقطعت يسرى يديه في غير ذلك لم يسقط ذلك القصاص عنه وتقطع يمينه باليمنى التي قطع فان قطعت يمينه لسرقة لم يكن للمقطوعة يمينه أن يقتص وكانت السرقة أملك به ومن وجب عليه قصاص في جارحة أو رجل أو عين أو غير ذلك فذهبت منه تلك الجارحة بأمر من الله عز وجل وحده فقد زال القود ولا عقل عليه وإذا اقتص الجارح من نفسه في جراح العمد فليس عليه أكثر من ذلك ولا خيار للمجني عليه إلا أن الأعور إذا فقأ عين الصحيح ورضي منه بالدية أجبر على ذلك في رواية أهل المدينة عن مالك وقد روي عنه أنه لا يجبر وما وقع من جراح العمد مما ليس فيه عقل ولا في مثله قود أدب الجاني فيما أتاه من ذلك ولو جرح رجل فمات من جرحه وأبى ورثته أن يعقلوا اقتص من الجارح في العمد وأغرم عقل الخطأ وسبيل القصاص ان يعرف مساحة الجرح أو ما قطع من الإصبع فيؤخذ
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»