يقتص منه بمثل ما قتل به وان فعل الأب بابنه فعلا يغلب على النفوس أنه أراد به تأديبه فمات بين يديه فالدية عليه مغلظة على ما نذكره في باب الديات إن شاء الله وسقط القود بين الأب وابنه لما يعرف من تعطف الناس على أولادهم ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يقاد بالولد الوالد وما عدا هؤلاء من الأقارب فهم كالأجانب وأما الابن يقتل أباه عمدا فلا خلاف أنه يقاد منه ويقتل به ولو قتل رجل أباه وللأب ابنان أحدهما القاتل عمدا فعفا عنه أخوه لم يقتل وارتفع القود عنه لعفو أخيه ومن قتل رجلا أو امرأة عمدا فكان ولي الدم ولد القاتل لم يكن له عند مالك القصاص منه لأنه قد أمر ببر والديه وان لا يقول لهما أف ولا ينهرهما فكيف يقتلهما أو يقتل أحدهما فيما له العفو عنه وقد كره مالك أن يحلفه في حق فكيف بهذا ويقتل الجماعة بالواحد إذا اجتمعوا على قتله وتعاونوا عليه وقامت على ذلك البينة أو كان الاقرار وأما القسامة فلا يقتل بها إلا واحد والممسك إذا رأى أنهم قاتلوه وأمسكه لهم وقتلوه فهو أحد قاتليه ويقتل معهم به وإذا أشترك بالغ وغير بالغ في القتل عامدا أو مخطئا أو مسلم وذمي في قتل ذمي أقيد ممن عليه منهما وكان على الآخر نصف الدية ولو قتل رجلان عمدا رجلا فعفا وليه عن أحدهما لم يسقط القود عن الآخر وقد قيل إنها تكون دية عليه نصفها والأول تحصيل مذهب مالك ولو أمر رجل رجلا بقتل رجل فقتله فإن كان لا يفهم ولا يعرف معنى القتل والحدود فالآمر هو القاتل وعليه القود وقد اختلف في الرجلين المميزين يأمر أحدهما الآخر بقتل رجل فيقتله فقيل يقتلان جميعا إذا كان الآمر مطاعا وقيل يقتل المباشر للقتل وحده ويعاقب الآمر وهو الصحيح إن شاء الله وإذا جرح رجل رجلا عمدا وعد عليه آخر فقتله أقيد له من الجارح وقتل به القاتل ولو كان الجارح هو القاتل ولم يكن ذلك في فور واحد ففيها قولان أحدهما أنه يقتص له منه ثم يقاد به ليذوق وبال أمره ويصنع به كما صنع بصاحبه والآخر أن يقتل به فقط ولم يختلف قوله إنه إذا كان الجرح والقتل في فور واحد أنه لا يجرح ويقتل ولو جرحه خطئا ثم قتله عمدا عقل الجرح وأقيد منه ولو جرحه عمدا ثم قتله خطأ أقيد من
(٥٨٩)