ولا يقبل هدية إلا ممن كان بهديها إليه قبل ولايته ومن أهله وقرابته فإن خاصم أحدهما عنده لم يقبل منه شيئا يهديه إليه مدة خصومته عنده ولا يبيع ولا يشتري في مجلس القضاء ولو تناول له ذلك في غير مجلسه غيره لكان أولى ولا يشاور أحدا في مجلسه ولا يظهر أصحابه على مسائله ويبحث عن أحوال الشهود بنفسه ولا ينبغي له أن يطيل الجلوس لئلا يقطعه ذلك من استيفاء حجج الخصوم ويقضي القاضي في كل الأيام إلا أنه يستحب له أن لا يقضي في يوم الفطر والأضحى وأيام منى لأنها أيام أكل وشرب إلا أن يشرع أحد في سفر يؤذي بذلك صاحب دينه فيمنع من ذلك ويمنع من استطالة أحد الخصمين على صاحبه ويحفظ الحاكم لسانه عن أذى العامة فإنما يحكم فيما شجر بينهم وهو فيما بعد واحد منهم ولا يعجل الخصوم عن حججهم بالتخويف الا من استرابه وخشي تلصصه عليه وإذا تقدم اليه الخصمان واجلسهما بين يديه سألهما مالكا وايكما الطالب فيبدأ به فإذا استوفى حجته قال للمطلوب هات حجتك ولا بأس أن يقوم بحجة من ضعف منهما عن تمام ما ابتدأ به من كلامه ولا يقضي حتى يقول لمن يقضى عليه هل بقيت لك حجة ثم يوجه القضاء عليه بعد الاستقصاء في ذلك وفي التأجيل ولا ينبغي له أن يلقن شاهدا وليدعه حتى يؤدي ما عنده إلا أن يراه عاجزا عن الإبانة عن نفسه وإذا بان لدد أحد الخصمين نهاه وتقدم اليه فإن لم ينته أدبه والهجر في تأديب مثله أولى وإذا كثر اذى بعض الخصوم للحاكم للتظلم منه والتناول له فله أن يؤدبه على ذلك والصفح أفضل إلا أن يكون في أدبه زجر لغيره وينبغي للقاضي أن يتخير كاتبا من أهل العفاف والصلاح والفهم جائز الشهادة ثم يعقده حيث يرى ما يكتب وما يصنع وقال مالك ولا أرى أن يستكتب ذميا لأن الكاتب قد يستشار ولا يستشار كافر في امر المسلمين ويكتب لخصومه وما يكون بينهما من الشهادة والإقرار والإنكار في صحيفة ثم يطويها ويختم عليها بخاتمه ويكتب عليها هذه خصومة فلان ويؤرخ المقالات بالأيام والشهور وإن قبل شهادة على رجل بغير محضره فلا بأس إذا كان مشهور العين لا يشتبه بمثله من أهل عصره وأحب إلي أن لا يكون ذلك إلا بمحضره إلا فيما لا يحتاج فيه إلى عينه فإذا حضر المشهود عليه قرأ عليه ما يشهد به الشهود وأنسخه أسماءهم وأنسابهم ليتعرفهم في شهادتهم عليه إن أراد ردها والدفع فيها وفي أحوالهم أن
(٤٩٨)