منهم قد استحق شيئا من ذلك بالقدم ثم زاد فيه ما يضر بجاره منع منه وكذلك دخان الحمامات والأفران إذا أضر بالجيران ضررا بينا منع منه محدثه فإن تحيلوا في اخراج الدخان حتى لا يضر لارتفاعه عنهم كان ذلك لهم واما الحداد والكماد والعسال والضراب وما أشبه ذلك فإن ابن حبيب ذكر عن نفسه وعن أصحابه انهم كانوا لا يرون لمن استضر وتأذى بهم قياما ولا يوجبون عليهم من ذلك منعا وهذا معنى رواه مطرف عن مالك في ثمانية أبي زيد أنه سئل عن حداد يعمل عمله ليلا ونهارا بالمطارق طالبا لمعيشته أترى لجاره أن يمنعه من ذلك لتأذيه به قال لا أرى ذلك له ولا يمنعه من طلب معاشه في صناعة وهذا عندنا إذا لم يمنعه من نومه ولم يحل بمكمده بينه وبين راحته وان احدث قناة كنيف أو بئر كنيف قرب حائطه لم يمنع ذلك إذا واراه وغطاه وكذلك لو أحدث غرفة أو سقيفة لا تضر بالمار تحتها فإن شكاه جاره المحاذي له ضيق هوى الزقاق قسم الهوى بينهما نصفين وإذا كانت تدعدع الحائط وتحركه تضر بالجار منع من احداثها عن جاره واختلف مطرف واصبغ في حمام الابرحة وما ينضم إليها من العصافير وفي محايج النحل والدجاج والإوز تضر بالزروع والشجر وتؤذي الجيران فقال مطرف أرى أن يمنع أربابها من اتخاذها لأنه مما لا يستطاع رعيها وهي كالدابة الضارية والبقرة والناقة الضارية التي لا يستطاع الاحتراس منها فقال مالك إذا كانت كذلك فأرى أن يمنع صاحبها من حبسهعا وأن يؤمر ببيعها قال مطرف وليس ما وصفنا من الحمام والدجاج بمنزلة الماشية لأن الماشية يستطاع رعيها والاحتراس من ضررها وقال اصبغ النحل والحمام والدجاج والإوز كالماشية لا يمنع صاحبها من اتخاذها وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم قال وهكذا كان ابن القاسم يقول قال مالك وعلى ذلك الأمر عندنا في الماشية قال مالك ولو كان الزرع كثيرا منبسطا لا يطيق أهله حراسته فكان الحكم فيه واحدا ولا ينبغي لأحد أن يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره ولكنه لا يقضي عليه بذلك ان أبى منه قال مالك وقد كان ابن المطلب يقضي بذلك عندنا واختاره ابن حبيب ولم يختلف قول مالك وأصحابه أنه إذا أذن لجاره في ذلك المدة المعلومة فله قلع الخشب بعد انقضاء المدة قال مالك ومن أعار جاره موضع خشبه يغرزها في جداره ثم أغضبه فأراد أن ينزعها فليس ذلك له واما إن احتاج إلى ذلك الأمر
(٤٩٠)