الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ٢٠٢
الشافعي تقسم الأرض كلها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر لأن الأرض غنيمة كسائر أموال الكفار وذهب مالك إلى إيقافها اتباعا لعمر لأن الأرض مخصوصة من سائر الغنيمة بما فعل عمر في جماعة من الصحابة في إيقافها لمن يأتي بعده من المسلمين وروى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن يترك آخر الناس لا شيء لهم ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر سهمانا وهذا يدل على أن أرض خيبر قسمت كلها سهمانا كما قال ابن إسحاق وأما قول من قال إن خيبر كان بعضها صلحا وبعضها عنوة فقد وهم وغلط وإنما دخلت عليه الشبهة بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمري إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال فكان حكم أرض ذينك الحصنين كحكم سائر أرض خيبر كلها غنيمة مغلوبا عليها عنوة مقسومة بين أهلها وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة بحديث يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم خيبر نصفين نصفا له ونصفا للمسلمين وهذا لو صح لكان معناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهما فوقع سهم النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما منها ووقع سائر الناس في باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم شهد خيبر وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكها أهلها كما يملك أهل الصلح أراضيهم وسائر أموالهم فالحق في
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»