الدرر - ابن عبد البر - الصفحة ١٣٨
حزناه عند ذلك خوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي فيأتينا رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه وسار إليه النجاشي وبينهما عرض النيل قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم من يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر فقال الزبير بن العوام أنا أخرج قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت فدعونا الله عز وجل للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده فوالله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير يسعى ويلوح بثوبه ويقول ألا أبشروا فقد ظهر النجاشي وأهلك الله عدوه ومكن له في بلاده قالت فوالله ما علتنا فرحة قط مثلها قالت ورجع النجاشي سالما وأهلك الله عدوه واستوسق له أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه سلم بمكة قال الفقيه الحافظ أبو عمر رضي الله عنه هؤلاء قدموا على رسول الله صلى الله عليه سلم بمكة ثم هاجروا إلى المدينة وجعفر وأصحابه بقوا بأرض الحبشة إلى عام خيبر وقد قيل إن إرسال قريش إلى النجاشي في أمر المسلمين المهاجرين إليها كان مرتين في زمانين المرة الواحدة كان الرسول مع عمرو بن العاص عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي والمرة الثانية كان مع عمرو بن العاص عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي وقد ذكر الخبر بذلك كله ابن إسحاق وغيره وذكروا ما دار لعمرو مع عمارة بن الوليد من رميه إياه في البحر وسعى عمرو به إلى النجاشي في بعض وصوله إلى بعض حرمه أو خدمه وأنه ظهر ذلك في ظهور طيب الملك عليه وأن الملك دعا بسحرة فسحروه ونفخوا في إحليله فتشرد ولزم البرية وفارق الإنس وهام حتى وصل إلى موضع رام أهله أخذه فيه فلما قربوا منه فاضت نفسه ومات هذا معنى الخبر قال أبو عمرو ولم أر لإيراده على وجهه معنى اكتفاء بما كتبناه في الكتاب ولأن ابن إسحاق قد ذكر بتمامه والله الموفق للصواب
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»