وفي قوله صلى الله عليه وسلم لتتركن المدينة أحسن ما كانت دليل على علم الغيب بما كان ينبأ به ويطلع عليه من الوحي وفي ذلك علم واضح من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وأما قوله فيغذي على بعض سواري المسجد فمعناه أن الذئب يبول على سواري المسجد أو على المنبر شك المحدث وذلك لخلاء المدينة من أهلها ذلك الزمان وخروج الناس عنها وتغير الإسلام فيها حتى لا يكون بها من يهتبل بالمسجد فيصونه ويحرسه يقال من هذا الفعل غذت المرأة وليدها بالتشديد إذا أبالته أي حملته على البول وجعلته يبول وغذت ولدها بالتخفيف إذا أطعمته وربته من الغذاء وأما قوله في هذا الحديث للعوافي الطير والسباع فالطير والسباع تفسير للعوافي وهو تفسير صحيح عن أهل الفقه وأهل اللغة أيضا ومما يعضد هذا التفسير أيضا حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يحيي أرضا فتشرب منها كبد حرى أو تصيب منه عافية إلا كتب الله له بها أجرا والعافية واحدة والعافي ههنا الطالب لما يأخذ ويأكل قال الأعشى تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن
(١٢٣)