التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٣ - الصفحة ٦١
فأبصرت عيناي رسول الله انصرف وعلى جبهته وأنفه ويروي على جبينه وأنفه أثر الماء والطين قالوا فلو حاز الإيماء في ذلك ما كان رسول الله ليضع أنفه وجبهته في الطين وهذا حديث صحيح وحديث يعلى بن أمية ليس إسناده بشيء قال أبو عمر أما إذا كان الطين والماء مما يمكن السجود عليه وليس فيه كبير تلويث وفساد للثياب وجاز تمكين الجبهة والأنف من الأرض فهذا موضع لا تجوز فيه الصلاة على الراحلة ولا على الأقدام بالإيماء لأن الله عز وجل قد افترض الركوع والسجود على كل من قدر على ذلك كيفما قدر وأما إذا كان الطين والوحل والماء الكثير قد أحاط بالمسجون أو المسافر الذي لا يرجو الانفكاك منه ولا الخروج منه قبل خروج الوقت وكان ماء معينا غرقا وطينا قبيحا وحلا فجائز لمن كان في هذه الحال أن يصلي بالإيماء على ما جاء في ذلك عن العلماء من الصحابة والتابعين فالله أعلم بالعذر وليس بالله حاجة إلى تلويث وجهه وثيابه وليس في ذلك طاعة إنما الطاعة الخشية والعمل بما في الطاقة وفي هذا الحديث أيضا ما يدل على أن السجود على الأنف والجبهة جميعا وأجمع العلماء على أنه إن سجد على جبهته وأنفه فقد أدى فرض الله في سجوده واختلفوا فيمن سجد على أنفه دون جبهته أو
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»