التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٣ - الصفحة ٤١١
في حديث مالك من الفقه طرح العالم على المتعلم المسائل وفيه أن شرب الخمر والسرقة والزنا فواحش والله عز وجل قد حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ومعلوم أنه لم يرد شرب الماء وإنما أراد شرب ما حرمه الله من الأشربة وفيه دليل على أن الشارب يعاقب وعقوبته كانت مردودة إلى الاجتهاد فلذلك جمع عمر الصحابة فشاورهم في حد الخمر فاتفقوا على ثمانين فصارت سنة وبها العمل عند جماعة فقهاء المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام والمغرب وجمهور أهل الحديث وما خالفهم شذوذ وبالله التوفيق وأما السرقة والزنى فقد أحكم الله حدودهما في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بما لا مدخل للرأي فيه وأظن قوله صلى الله عليه وسلم هذا كان عند نزول قول الله عز وجل في فاحشة الزنى * (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) * وبعد قوله * (فأمسكوهن في البيوت) * ثم نسخ ذلك كله بالجلد والحد وفيه دليل على أن ترك الصلاة أو ترك إقامتها على حدودها من أكبر الذنوب ألا ترى أنه ضرب المثل لذلك بالزاني والسارق ومعلوم أن السرقة والزنا من الكبائر ثم قال وشر السرقة أو أسوأ السرقة الذي يسرق صلاته كأنه قال وشر ذلك سرقة من يسرق صلاته فلا
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»