التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٣ - الصفحة ٣٣٨
إفسادهم بدون فساد قطاع الطريق والمحاربين للمسلمين على أموالهم فوجب بذلك قتلهم إلا أنه يرى استتبابتهم لعلهم يراجعون الحق فإن تمادوا قتلوا على إفسادهم لا على كفر قال أبو عمر هذا قول عامة الفقهاء الذين يرون قتلهم واستتابتهم ومنهم من يقول لا يتعرض لهم باستتابة ولا غيرها ما استتروا ولم يبغوا ويحاربوا وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما وجمهور أهل الفقه وكثير من أهل الحديث قال الشافعي رحمه الله في كتاب قتال أهل البغي لو أن قوما أظهروا رأي الخوارج وتجنبوا جماعة المسلمين وكفروهم لم تحل بذلك دماؤهم ولا قتالهم لأنهم على حرمة الإيمان حتى يصيروا إلى الحال التي يجوز فيها قتالهم من خروجهم إلى قتال المسلمين وإشهارهم السلاح وامتناعهم من نفوذ الحق عليهم وقال بلغنا أن علي بن أبي طالب بينما هو يخطب إذا سمع تحكيما من ناحية المسجد فقال ما هذا فقيل رجل يقول لا حكم إلا لله فقال علي رحمه الله كلمة حق أريد بها باطل لا نمنعكم مساجد الله أن يذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم من أيدينا ولا نبدؤكم بقتال قال وكتب عدي إلى عمر بن عبد العزيز أن الخوارج عندنا يسبونك فكتب إليه عمر إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم وإن
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»