التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢٧٣
شيء من أمورهن فهذا هو المؤنث المخنث الذي لا بأس بدخوله على النساء (406) فأما إذا فهم معاني النساء والرجال كما فهم هذا المخنث وهو المذكور في هذا الحديث لم يجز للنساء أن يدخل عليهن ولا جاز له الدخول عليهن بوجه من الوجوه لأنه حينئذ ليس من الذين قال الله عز وجل فيهم * (غير أولي الإربة من الرجال) * وليس المخنث الذي تعرف فيه الفاحشة خاصة وتنسب إليه وإنما المخنث شدة التأنيث في الخلقة حتى يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر والنغمة وفي العقل والفعل وسواء كانت فيه عاهة الفاحشة أم لم (407) تكن وأصل التخنث التكسر واللين فإذا كان كما وصفنا لك ولم يكن له في النساء ارب وكان ضعيف العقل لا يفطن لأمور الناس أبله فحينئذ يكون من غير أولي الإربة الدين أبيح لهم الدخول على النساء ألا ترى أن ذلك المخنث لما فهم من أمور النساء قصة بنت غيلان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ عن دخوله على النساء ونفاه إلى الحمى فيما روي واختلف العلماء في معنى قوله عز وجل * (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) * اختلافا متقارب المعنى لمن تدبر ذكر أبن أبي شيبة قال حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن * (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) * قال هم قوم طبعوا على التخنيث فكان الرجل منهم يتبع الرجل يخدمه ليطعمه وينفق عليه لا يستطيعون غشيان النساء ولا يشتهونه قال وحدثنا ابن إريس عن ليث عن مجاهد في قوله * (غير أولي الإربة من الرجال) * قال هو الأبله الذي لا يعرف أمر النساء
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»