التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢٥٢
وكان عبيد بن عمير فيما ذكر ابن جريج عن الحرث بن أبي الحرث عنه يقول يفتن رجلان مؤمن ومنافق فأما المؤمن فيفتن سبعا وأما المنافق فيفتن أربعين صباحا قال أبو عمر الآثار الثابتة في هذا الباب إنما تدل على أن الفتنة في القبر لا تكون إلا لمؤمن أو منافق ممن كان في الدنيا منسوبا إلى أهل القبلة ودين الإسلام ممن حقن دمه بظاهر الشهادة وأما الكافر الجاحد المبطل فليس ممن يسأل عن ربه ودينه ونبيه وإنما يسأل عن هذا أهل الإسلام والله أعلم * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * الآية وأما ما جاء من الآثار في أن اليهود تعذب في قبورها ففي حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر مع بلال على البقيع فقال ألا تسمع ما أسمع يا بلال قال لا والله يا رسول الله ما أسمع قال أما تسمع أهل القبور يعذبون يعني قبور الجاهلية فهذا والله أعلم عذاب غير الفتنة والابتلاء الذي يعرض المؤمن وإنما هذا عذاب واصب للكفار إلى أن تقوم الساعة فيصيرون إلى النار ألا ترى إلى قول الله عز وجل * (وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * 367 وجائز أن يكون عذاب القبر غير فتنة القبر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ من فتنة القبر وعذاب القبر وعذاب النار في حديث واحد وذلك دليل على أن عذاب القبر غير فتنة القبر والله أعلم لأن الفتنة قد تكون فيه النجاة وقد يعذب الكافر في قبره على كفره دون أن يسأل والله أعلم
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»