التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢٤٤
نجس فيه نجاسة ظاهرة لا تخفى فإنه يعيد أبدا كمن صلى بماء قد ظهرت فيه النجاسة فغيرته أو تيمم على موضع النجاسة فيه ظاهرة غالبة ومن صلى بثوب قد استيقن فيه نجاسة إلا أنها غير ظاهرة فيه أعاد في الوقت وعليه أن يغسله كله لما يستقبل كمن توضأ بماء لم تغيره النجاسة أو تيمم على موضع لم تظهر فيه نجاسة هذا عندي أصح ما يجيء على مذهب مالك وما استوحش ممن خالفني عنه في ذلك وبالله العصمة والتوفيق لا شريك له وقياسهم ذلك على حلقة الدبر في الاستنجاء مع إقرارهم أن ذلك موضع مخصوص بالأحجار لأنها لا تزيل النجاسة إزالة صحيحة كالماء وإن ما عدا المخرج لا يطهره إلا الماء أو ما يعمل عمل الماء عندهم في إزالة عين النجاسة قياسا على غير نظير ولا علة معلولة وبالله التوفيق وأما قوله ثم تنضحه بالماء ثم لتصل فيه فيحتمل أن يكون النضح ههنا الغسل على ما بينا في غير موضع من كتابنا هذا ويحتمل أن يكون النضح الرش لما شك فيه ولا يرى فيقطع بذلك الوسوسة إذ الأصل في الثوب الطهارة حتى تستيقن النجاسة فإذا استوقنت لزم الغسل والتطهير وأما الرش فلا يزيل نجاسة في النظر وقد بينا أيضا هذا المعنى في مواضع من هذا الكتاب ولولا أن السلف جاء عنهم النضح ما قلنا بشيء منه ولكن قد جاء عن عمر حين أجنب في ثوبه أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره وعن أبي هريرة وغيره مثل ذلك وذلك عندي والله أعلم قطع لحزازات النفوس ووساوس الشيطان روى الأوزاعي عن عبد الرحمان بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت (348) إذا حاضت المرأة في الثوب ثم طهرت فلتتبع ما أصاب ثوبها من الدم فلتغسله وتنضح باقيه ثم تصلي فيه
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»