التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢٣٢
قال أبو بكر سمعت أبا عبد الله يقول البول والغائط غير الدم لأن البول والغائط تعاد منهما الصلاة ويغسل قليلهما وكثيرهما قال والدم إذا فحش تعاد منه الصلاة في الوقت وغيره كما يعاد من قليل البول والعذرة قال أبو عمر قد أجمع العلماء على التجاوز والعفو عن دم البراغيث ما لم يتفاحش وهذا أصل في هذا الباب وهذا الحديث أصل في غسل النجاسات من الثياب ولا أعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في غسل النجاسات أبين من هذا الحديث وعليه اعتمد الفقهاء في غسل النجاسات وجعلوه أصل هذا الباب إلا أنهم اختلفوا في وجوب غسل النجاسات كالدماء والعذرات والأبوال وسائر النجاسات المعروفات من الثياب والأبدان فقال منهم قائلون غسلها فرض واجب ولا تجزئ صلاة من صلى بثوب نجس عالما كان بذلك أو ساهيا عنه واحتجوا بقول الله عز وجل * (وثيابك فطهر) * 327 وظاهره تطهير الثياب المعروفة عند العرب التي نزل القرآن بذكرها في قوله * (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) * 328 * (واستغشوا ثيابهم) * 329 وهذا كثير في القرآن وفي أشعار العرب وكلامها وإن كانت قد تكنى عن القلب وطهارته وطهارة الجيب بطهارة الثوب فهذه استعارة والأصل في الثوب ما قلنا وقد روي عن ابن عباس والحسن وابن سيرين في قوله * (وثيابك فطهر) * قالوا اغسلها بالماء وأنقها (330) من الدرن ومن القذر واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل النجاسات من الثياب والأرض والبدن فمن ذلك
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»