وأما الشام والعراق فكان افتتاحهما في زمن عمر رضي الله عنه وفي هذا الحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه غيب كان بعده قد أخبر به وهو لا يعلم من الغيب إلا ما أظهره الله عليه وأوحى به إليه فقد افتتحت بعده الشام والعراق واليمن بعضها وقد خرج الناس من المدينة إلى الشام وإلى اليمن وإلى العراق وكان ما قاله صلى الله عليه وسلم وكذلك لو صبروا بالمدينة لكان (301) خيرا لهم قال صلى الله عليه وسلم لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة (302) وفي هذا الحديث فضل المدينة على اليمن وعلى الشام وعلى العراق وهو أمر مجتمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه وفي ذلك دليل على أن بعض البقاع أفضل من بعض ولا يوصل إلى شيء من ذلك إلا بتوقيف من جهة الخبر وأما القياس والنظر فلا مدخل له في شيء من ذلك وقد صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضل المدينة وأجمع علماء الأمة على أنها لها فضلا معروفا لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقبره فيها وإنما اختلفوا في الأفضل منها ومن مكة لا غير وقد بينا ذلك كله في مواضع من هذا الكتاب والحمد لله والله الموفق للصواب وأما قوله يبسون فمن رواه يبسون برفع الياء وكسر الباء من أبس يبس على الرباعي فقال معناه يزينون لهم البلد الذي جاءوا منه ويحببونه إليهم ويدعونهم إلى الرحيل إليه من المدينة قالوا والإبساس مأخوذ من إبساس الحلوبة عند حلابها كي تدر باللبن وهو أن تجري يدك على وجهها وصفحة عنقها كأنك تزين ذلك عندها وتحسنه لها
(٢٢٤)