التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ٢٣
في هذا الحديث هي ساعات النهار المعروفات فبدأ بأول ساعات اليوم (62) فقال من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ثم قال في الخامسة بيضة ثم انقطع التهجير وحان وقت الأذان قال فشرح الحديث بين في لفظه ولكنه حرف عن وجهه وشرح بالخلف من القول وبما لا يتكون وزهد شارحه الناس فيما رغبهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التهجير في أول النهار وزعم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة عند زوال الشمس قال وقد جاءت الآثار بالتهجير إلى الجمعة في أول النهار وقد سقنا من ذلك في موضعه من كتاب واضح السنن ما فيه بيان وكفاية هذا كله قول ابن حبيب قال أبو عمر هذا منه تحامل على مالك رضي الله عنه فهو الذي قال القول الذي أنكره ابن حبيب وجعله خلفا من القول وتحريفا من التأويل والذي قاله مالك هو الذي تشهد له الآثار الصحاح الثابتة من رواية الفقهاء الأئمة مع ما صحبه عنده من عمل العلماء ببلده لأن مثل هذا (63) يصح فيه الاحتجاج بالعمل لأن مالكا كان مجالسا لعلماء المدينة ومشاهدا لوقت حركتهم وخروجهم إلى الجمعة وكان أشد الفقهاء اتباعا لسلفه ولو رآهم يبكرون إلى الجمعة ويخرجون إليها مع طلوع الشمس ما أنكر ذلك مع حرصه على اتباعهم قال أحمد بن حنبل مالك عندي أتبع من سفيان يريد أشد اتباعا لسلفه والله أعلم قال يحيى بن عمر عن حرملة أن سأل ابن وهب عن تفسير هذه الساعات أهو الغدو من أول الساعات النهار أو إنما أراد بهذه الساعات ساعة الرواح فقال ابن وهب سألت مالكا عن هذا فقال أما الذي يقع في قلبي فإنه إنما أراد
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»