التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٢ - الصفحة ١٣٢
لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى (84) واحتجاج أهل الزيغ به على أنه أراد بذلك استخلافه فقد أجابه عن ذلك أبو إسحاق المروزي رحمه الله بجواب على وجهين مجملين أحدهما أن هارون كان خليفة موسى في حياته ولم يكن علي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وإذا جاز أن يتأخر علي عن خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته على حسبما كان هارون خليفة موسى في حياته جاز أن يتأخر بعد موته زمانا ويكون غيره مقدما عليه ويكون معنى الحديث القصد إلى إثبات الخلافة له كما ثبتت لهارون لا أنه استحق تعجيلها في الوقت الذي تعجلها هارون من موسى عليه السلام والوجه الاخر أن هذا الكلام إنما خرج من النبي عليه السلام في تفضيل علي ومعرفة حقه لا في الإمامة لأنه ليس كل من وجب حقه وصار مفضلا استحق الإمامة لأن هارون مات قبل موسى بزمان فاستخلف (85) موسى بعده يوشع بن نون فهارون إنما كان خليفة لموسى في حياته وقد علم أن عليا لم يكن خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ولم يكن هارون خليفة لموسى بعد موته فيكون ذلك دليلا على أن عليا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته قال أبو عمر كان هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين استخلفه على المدينة في وقت خروجه غازيا غزوة تبوك وهذا استخلاف منه في حياته وقد شركه في مثل هذا الاستخلاف غيره من لا يدعي له أحد خلافة جماعة قد ذكرهم أهل السنة وقد ذكرناهم في كتاب الصحابة وليس في استخلافه حين قال له ذلك القول دليل على أنه خليفة بعد موته والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم من كنت
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»