التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ٢٧٢
في هذا الحديث ضروب من العلم منها أن الله يحب من عباده الإخلاص في عبادته في التوحيد وسائر الأعمال كلها التي يعبد بها وفي الإخلاص طرح الرياء كله لأن الرياء شرك أو ضرب من الشرك قال أهل العلم بالتأويل إن قول الله عز وجل * (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) * 76 نزلت في الرياء ويدخل في الإخلاص أيضا التوكل على الله وأنه لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع على الحقيقة غيره لأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع لا شريك له وفيه الحض على الاعتصام والتمسك بحبل الله في حال اجتماع وائتلاف وحبل الله في هذا الموضع فيه قولان أحدهما كتاب الله والآخر الجماعة ولا جماعة إلا بإمام وهو عندي معنى متداخل متقارب لأن كتاب الله يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة قال الله عز وجل * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا) * 79 الآية وقال * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * 80 وروى يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة في قوله * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * الآية قال حبل الله الذي أمر أن يعتصم به القرآن وقال قتادة إن الله قد كره إليكم الفرقة وقدم إليكم فيها وحذركموها ونهاكم عنها ورضي لكم (81) بالسمع والطاعة والألفة والجماعة فارضوا لأنفسكم بما رضي الله لكم فقد ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»