الوجهين مذهب سعد وسعيد ومذهب عروة والأظهر فيه تفضيل البلد (183) والله أعلم وقد احتج قوم بهذا الحديث في إثبات عمل المدينة وأن العمل أولى من الحديث عندهم لأنهم أنكروا على عائشة ما روته لما استفاض عندهم واحتج آخرون بهذا الخبر في دفع الاحتجاج بالعمل بالمدينة وقالوا كيف يحتج بعمل قوم تجهل السنة بين أظهرهم وتعجب أم المؤمنين من نسيانهم لها أو جهلهم وإنكارهم لما قد صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنه فيها وصنعه الخلفاء الراشدون وجلة الصحابة بعده وقد صلي على أبي بكر وعمر في المسجد قالوا فكيف يصح مع هذا ادعاء عمل أو كيف يسوغ الاحتجاج به وكثير ما كان يصنع عندهم مثل هذا حتى يخبره الواحد بما عنده في ذلك فينصرفوا (184) إليه وقالوا ألا ترى أن عائشة أم المؤمنين لم تر إنكارهم حجة وإنما رأت الحجة فيما علمته من السنة قال أبو عمر القول في هذا الباب يتسع وقد أكثر فيه المخالفون وليس هذا موضع تلخيص حججهم وللقول في ذلك موضع غير هذا وأما اختلاف الفقهاء في الصلاة على الجنائز في المسجد فروى ابن القاسم عن مالك أنه قال لا يصلى على الجنائز (185) في المسجد ولا يدخل بها المسجد قال وإن صلي عليها عند باب المسجد وتضايق الناس وتزاحموا فلا بأس أن يكون بعض الصفوف في المسجد وقد قال في كتاب الاعتكاف من المدونة في صلاة المعتكف على
(٢١٩)