التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٣٩
والأوزاعي وأصحابهم إلى أن الغنائم يقسمها الإمام على العسكر في دار الحرب قال مالك وهم أولى برخصها وقال أبو حنيفة لا تقسم الغنائم في دار الحرب وقال أبو يوسف أحب إلي ألا تقسم في دار الحرب إلا أن لا يجد حمولة فيقسمها في دار الحرب قال أبو عمر القول الصحيح في هذه المسألة ما قاله مالك والشافعي والأوزاعي ولا وجه لقول من خالفهم في ذلك من معنى صحيح مع ثبوت الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه وفيه جواز مدح الرجل الفاضل الجليل لنفسه ونفيه عن نفسه ما يعيبه بالحق الذي هو فيه وعليه إذا دفعت إلى ذلك ضرورة أو معنى يوجب ذلك فلا بأس بذلك وقد قال الله عز وجل حاكيا عن يوسف صلى الله عليه وسلم أنه قال * (إني حفيظ عليم) * 26 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض (27) وأول شافع وأول مشفع وأنا سيد ولد آدم ولا فخر (28) ومثل هذا كثير في السنن وعن علماء السلف لا ينكر ذلك إلا من لا علم له بآثار من مضى وفيه دليل والله أعلم على أن الخليفة على المسلمين لا يجوز أن يكون كذابا ولا بخيلا ولا جبانا وقد أجمع العلماء على أن الإمام يجب أن لا تكون فيه هذه الخلال (29) السوء وأن يكون أفضل أهل وقته حالا وأجملهم خصالا وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين البخل والجبن والكذب وأكثر الآثار على هذا وفي
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»