التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٧
قال وحدثنا علي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن مالك عن أخيه عن أبي أمامة أحد بني حارثة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقتطع رجل مال أخيه المسلم بيمينه إلا حرم الله عليه الجنة فأوجب له النار فقال رجل يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان سواكا من أراك ورواه ابن عيينة عن محمد بن إسحاق فخلط في إسناده وأما قول الوليد بن كثير فيه محمد بن كعب فخطأ وإنما هو معبد ابن كعب فهذه الآثار كلها تدل على أن هذه اليمين من الكبائر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نصا على ما قدمنا ذكره في باب زيد بن أسلم من هذا الكتاب وأجمع العلماء على أن اليمين إذا لم يقتطع بها مال أحد ولم يحلف بها على مال فإنها ليست اليمين الغموس التي ورد فيها الوعيد والله أعلم وقد تسمى غموسا على القرب وليست عندهم كذلك وإنما هي كذبة ولا كفارة عند أكثرهم فيها إلا الاستغفار وكان الشافعي وأصحابه ومعمر بن راشد والأوزاعي وطائفة يرون فيها الكفارة وروي عن جماعة من السلف أن اليمين الغموس لا كفارة لها وبه قال جمهور فقهاء الأمصار وكان الشافعي والأوزاعي ومعمر وبعض التابعين فيما حكى المروزي يقولون إن فيها الكفارة فيما بينه وبين الله في حنثه فإن اقتطع بها مال مسلم فلا كفارة لذلك إلا أداء ذلك والخروج عنه لصاحبه ثم يكفر عن يمينه بعد خروجه مما عليه في ذلك وقال غيرهم من الفقهاء منهم مالك والثوري وأبو حنيفة لا كفارة في ذلك وعليه أن يؤدي ما اقتطعه من مال أخيه ثم يتوب إلى الله ويستغفره وهو فيه بالخيار إن شاء غفر له وغن شاء عذبه وأما الكفارة فلا مدخل لها عندهم في اليمين الكاذبة إذا حلف بها صاحبها عمدا متعمدا للكذب وهذا لا يكون
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 » »»