التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٢٥٥
فقالوا ما نراهم إلا قوم ولدوا في الإسلام لم يشركوا بالله شيئا وعملوا بالإسلام حتى ماتوا عليه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال بل هم الذين لا يسترقرون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقال عكاشة يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم (202) وذكر تمام الخبر وهذه الأحاديث تقتضي مع تواتر طرقها وحسنها التسوية بين أول هذه الأمة وآخرها والمعنى في ذلك ما قدمنا ذكره من الإيمان والعمل الصالح في الزمن الفاسد الذي يرفع فيه العلم والدين من أهله ويكثر الفسق والهرج ويذل المؤمن ويعز الفاجر ويعود الدين غريبا كما بدأ ويكون القائم فيه بدينه كالقابض على الجمر فيتسوي حينئذ أول هذه الأمة بآخرها في فضل العمل إلا أهل بدر والحديبية والله أعلم ومن تدبر آثار هذا الباب بان له الصواب والله يؤتي فضله من يشاء وأما قوله وأنا فرطكم على الحوض فالفرط والمتفارط هو الماشي المتقدم أمام القوم إلى الماء (هذا قول أبي عبيد وغيره وقال ابن وهب أنا فرطكم يقول أنا أمامكم وأنتم ورائي تتبعوني واستشهد أبو عبيد وغيره على قوله الفارط المتقدم إلى الماء بقول الشاعر * فأثار فارطهم غطاطا جثما * أصواته كتراطن الفرس) (203 * * قال (204) وقال القطامي * فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعجل فراط لوراد * وقال لبيد * فوردنا قبل فراط القطا * إن من روي تغليس النهل *
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»