التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ٢٥٨
رسول الله ألسنا بإخوانك قال بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض قالوا يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا (216) وأما قوله فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء ففيه دليل على أن الأمم أتباع الأنبياء لا يتوضأون مثل وضوئنا على الوجه فاليدين فالرجلين لأن الغرة في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين هذا ما لا مدفع فيه على هذا الحديث إلا أن يتأؤل متأول هذا الحديث أن وضوء سائر الأمم لا يكسبها غرة ولا تحجيلا وأن هذه الأمة بورك لها في وضوئها بما أعطيت من ذلك شرفا دائما ولنبيها صلى الله عليه وسلم كسائر فضائلها على سائر الأمم كما فضل نبيها بالمقام المحمود وغيره على سائر الأنبياء والله أعلم وقد يجوز أن يكون الأنبياء يتوضؤون فيكسبون بذلك الغرة والتحجيل ولا يتوضأ أبتاعهم ذلك الوضوء كما خص نبينا صلى الله عليه وسلم بأشياء دون أمته منها نكاح ما فوق الأربع والموهوبة بغير صداق والوصال وغير ذلك فيكون ذلك من فضائل هذه الأمة أن تشبه كلها الأنبياء كما جاء عن موسى عليه السلام أنه قال أجد أمته كلهم كالأنبياء فاجعلها أمتي قال تلك أمة أحمد في حديث فيه طول وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا محمد بن العباس بن اسلم حدثنا أبن أبي ناجية حدثني زياد بن يونس عن مسلمة بن
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»