التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٠
من تحت يده واحتجوا بحديث عائشة في قصة هند مع أبي سفيان واختلف قول مالك في هذه المسألة على الوجهين المذكورين فروي الرواية الأولى عنه ابن القاسم وروى الخرى عنه زياد بن عبد الرحمان وغيره وللفقهاء في هذه المسألة وجوه واعتلالات ليس هذا باب ذكرها وإنما ذكرنا ههنا لما في معنى الضرار من مداخلة الانتصار بالإضررا ممن أضر بك والذي يصح في النظر ويثبت في الأصول أنه ليس لأحد أن يضر بأحد سواء أضر به قبل أم لا إلا أن له أن ينتصر ويعاقب إن قدر بما أبيح له من السلطان والاعتداء بالحق الذي له هو مثل ما اعتدى به عليه والانتصار ليس باعتداء ولا ظلم ولا ضرر إذا كان على الوجه الذي اباحته السنة وكذلك ليس لحد أن يضر بأحد من غير الوجه الذي هو الانتصاف من حقه ويدخل الضرر في الأموال من وجوه كثيرة لها أحكام مختلفة فمن أدخل على أخيه المسلم ضررا منع منه فإن أدخل على أخيه ضررا بفعل ما كان له فعله فيما له فأضر فعله ذلك بجاره أو غير جاره نظر إلى ذلك الفعل فإن كان تركه أكبر ضررا من الضرر الداخل على الفاعل ذلك في ماله إذا قطع عنه ما فعله قطع أكبر الضررين وأعظمهما حرمة في الأصول مثال ذلك رجل فتح كوة يطلع منها على دار أخيه وفيها العيال والأهل ومن شأن النساء في بيوتهن إلقاء بعض ثيابهن والانتشار في حوائجهن ومعلوم أن الاطلاع على العورات محرم قد ورد فيه النهي ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل اطلع عليه من خلال باب داره لو علمت أنك تنظر لفقأت عينك إنما جعل الاستئذان من أجل النظر (160) وقد جعل جماعة من أهل العلم ممن فقئت عينه في مثل هذا هدرا للأحاديث الواردة بمعنى ما ذكرت لك وأبى ذلك آخرون وجعلوا فيه القصاص منهم مالك وغيره فلحرمة الاطلاع على العورات رأى العلماء أن يغلقوا على فاتح الكوة والباب ما فتح ما له فيه منفعة وراحة وفي
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»