التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٦٠
وقرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا روح قال حدثنا شعبة قال حدثنا محمد ابن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحدث عن ربه قال كل ما يعمله ابن آدم كفارة له إلا الصوم يدع الصائم الطعام والشراب من أجلي فالصوم لي وانا أجزي به وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فإن قال قائل (وما) (159) معنى قوله الصوم لي وأنا أجزي به وقد علم أن الأعمال التي يراد بها وجه الله كلها له وهو يجزي بها فمعناه والله أعلم أن الصوم لا يظهر من ابن آدم في قول ولا عمل وإنما هو (160) نية ينطوي عليها صاحبها ولا يعلمها إلا الله وليست مما تظهر فتكتبها الحفظة كما تكتب الذكر والصلاة والصدقة وسائر الأعمال لأن الصوم في الشريعة ليس بالامساك عن الطعام والشراب لأن كل ممسك عن الطعام والشراب إذا لم ينو بذلك وجه الله ولم يرد أداء فرضه أو التطوع لله به فليس بصائم في الشريعة فلهذا ما قلنا إنه لا تطلع عليه الحفظة ولا تكتبه ولكن الله يعلمه ويجازي به على ما (161) شاء من التضعيف والصوم في لسان العرب أيضا الصبر * (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * 162 وقال أبو بكر بن الأنباري الصوم يسمى صبرا لأنه حبس النفس عن المطاعم والمشارب والمناكح والشهوات
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»