عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه (148) وقال أحمد بن يونس فهمت الاسناد من ابن أبي ذئب وأفهمني الحديث رجل إلى جنبه أراه ابن أخيه ورواه ابن المبارك عن ابن أبي ذئب بإسناده مثله والقول الثاني أن الصائم يقول في نفسه لنفسه إني صائم يا نفسي (149) فلا سبيل إلى شفاء غيظك بالمشاتمة ولا يظهر قوله إني صائم لما فيه من الرياء واطلاع الناس على عمله لأن الصوم من العمل الذي لا يظهر ولذلك يجزي الله الصائم أجره بغير حساب على حسبما نذكر في الباب بعد هذا إن شاء الله وللصيام (150) فرائض وسنن وقد ذكرنا فرائضه في باب ثور بن زيد ومن سننه أن لا يرفث الصائم ولا (151) يغتاب أحدا وأن يجتنب قول الزور والعمل به على ما جاء في آثار هذا الباب وغيرها وأما قوله صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه فمعناه الكراهية والتغليظ كما جاء في الحديث من شرب الخمر فليشقص الخنازير أي يذبحها أو ينحرها أو يقتلها بالمشقص وليس هذا على الأمر بشقص الخنازير ولكنه على تعظيم إثم شارب الخمر فكذلك من اغتاب أو شهد زورا أو منكرا لم يؤمر بأن يدع صيامه ولكنه يؤمر باجتناب ذلك ليتم له أجر صومه فاتقى عبد ربه وأمسك عن الخنا والغيبة والباطل بلسانه صائما كان أو غير صائم فإنما يكب الناس في النار على وجوهم حصائد ألسنتهم والله الموفق للرشاد
(٥٦)