التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٢٨
انتظارها ولا يخلط بنيته سواها ويحتاج مع ذلك أن لا يلغو ولا يلهو فحينئذ يرجى له بما كرنا وقد نزع عبد الله بن سلام في معارضته أبا هريرة حين قال له في الساعة التي في يوم الجمعة هي آخر ساعة من النهار فقال (70) أبو هريرة كيف يكون ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك ليس بوقت صلاة وقال في الساعة التي في يوم الجمعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي فقال له عبد الله بن سلام أليس قد قال صلى الله عليه وسلم إن أحدكم في صلاة ما كان ينتظر الصلاة قال نعم قال فهو ذاك (71) فسكت أبو هريرة وسلم لما أخذته الحجة وهكذا أهل الانصاف والله المستعان وقد قيل إن منتظر الصلاة في المسجد وإن لغا ولها فإنه على أصل نيته وعمله وسنذكر بعد هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث وما ذهب إليه مالك وغيره في ذلك إن شاء الله وقد قيل إن منتظر الصلاة وإن كتب له أجر المصلي فالمصلي أفضل منه كما أنه بعض الشهداء أفضل من بعض وكلهم يسمى شهيدا ومن حجة من قال هذا القول ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم يعني في الأجر والله أعلم فإذا كان القائم أفضل من القاعد في الصلاة فكذلك هو أفضل من المنتظر والله يؤتي فضله من شاء لا شريك له وتحصيل هذا الباب عندي والله أعلم ما تنعقد عليه النية وما يجده في نفسه المتخلف عن الغزو بالعذر من ألم ما فقد من ذلك والحسرة والتأسف والحزن عليه وشدة الحرص في النهوض إليه وكذلك المريض والنائم فيما فاته لمرضه ونومه من صلاته وسائر صالح عمله والله الموفق للصواب
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»