التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٥ - الصفحة ٣٠٠
وهي كلها آثار صحاح ثابتة قد أخرجها البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم قال أبو عمر الذي عليه أهل العلم فيما اختلف من الآثار المصير إلى أقوى ما رووه وكان أثبت عندهم من جهة النقل والمعنى وأشبه بالأصول المجتمع عليها هذا إذا تعارضت الآثار في محظور ومباح ولم يقم دليل على نسخ شيء منها ولم يمكن ترتيب بعضها على بعض فكيف والأحاديث في القران والإفراد والتمتع لم يختلف إلا في وجوه مباحة كلها لا يختلف العلماء في ذلك ولا أحد من الأمة بأن الإفراد والتمتع والقران كل ذلك مباح بالسنة الثابتة المتواترة النقل وبإجماع العلماء وإنما اختلفت الآثار واختلف العلماء فيما كان به رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما في خاصة نفسه وهذا لا يضر جهله لما وصفنا ولما لم يكن لأحد من العلماء سبيل إلى الأخذ بكل ما تعارض وتدافع من الآثار في هذا الباب ولم يكن بد من المصير إلى وجه واحد منها صار كل واحد منهم إلى الأصح عنده بمبلغ اجتهاده فصار مالك إلى تفضيل الإفراد على التمتع وعلى القران لوجوه منها أنه روي ذلك أيضا عن عائشة من وجوه فكانت تلك الوجوه أولى
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»