التمهيد - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٢
لموسى وهارون ولا يختلف المفسرون أن موسى كان يدعو وهارون يؤمن فقال الله عز وجل * (قد أجيبت دعوتكما) * قال أبو عمر ما قالوه من هذا كله فليس فيه حجة فليس في شيء من اللغات أن الدعاء يسمى تأمينا ولو صح لهم ما ادعوه وسلم لهم ما تأولوه لم يكن فيه الا أن التأمين يسمى دعاء وأما أن الدعاء يقال له تأمين فلا وإنما قال الله عز وجل * (قد أجيبت دعوتكما) * ولم يقل قد أجيب تأمينكما فمن قال الدعاء تأمين فمغفل لا رؤية له على أن قوله عز وجل * (قد أجيبت دعوتكما) * إنما قيل لأن الدعوة كانت لهما وكان نفعها عائدا عليهما بالانتقام من أعدائهما فلذلك قيل أجيبت دعوتكما ولم يقل دعوتاكما ولو كان التأمين دعاء لقال قد أجيبت دعوتاكما وجائز أن يسمى المؤمن داعيا لأن المعنى في آمين اللهم استجب لنا على ما قدمنا ذكره وهذا دعاء وغير جائز أن يسمى الدعاء تأمينا والله أعلم ومعلوم أن قوله صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإمام فأمنوا لم يرد به فادعوا مثل دعاء الإمام اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة وهذا ما لا يختلف فيه وإنما أراد من المأموم قول آمين لا غير وهذا إجماع من العلماء فكذلك أراد من الإمام قول آمين لا الدعاء بالتلاوة لأنه قد سوى بينهما في لفظه صلى الله عليه وسلم بقوله إذا أمن الإمام فأمنوا فالتأمين من الإمام كهو من المأموم سواء وهو قول آمين هذا ما يوجبه ظاهر الحديث فكيف وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»