متعمدا فعليه صيام ثلاثة آلاف يوم وهذا لا وجه له إلا أن يكون كلاما خرج على التغليظ والغضب لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن مسعود وعلي من أفطر في رمضان عامدا لم يكفره صيام الدهر وقد تقدم عن إبراهيم من رواية مغيرة وغيره ما يوضح لك هذا على أن أقاويل التابعين بالحجاز والعراق في هذا الباب كما ترى لا وجه لها عند أهل الفقه والنظر وجماعة أهل الأثر ولا دليل عليها ولا يلتفت إليها لمخالفتها للسنة في ذلك وإنما في المسألة قولان أحدهما قول مالك ومن تابعه والحجة لهم من جهة الأثر حديث ابن شهاب هذا ومن جهة النظر أن الآكل والشارب في القياس (28) كالمجامع سواء لأن الصوم في الشريعة في وجه واحد شيء واحد فسبيل نظيره في الحكم سبيله والنكتة الجامعة بينهما انتهاك حرمة الشهر بما يفسد الصوم عمدا وقد تقدم أن لفظ حديث ملك في هذا الباب يجمع كل فطر (29) والقول الثاني قول الشافعي ومن تابعه والحجة لهم أن الحديث ورد في المجامع أهله وليس الأكل مثله بدليل إجماعهم على أن المستقىء عمدا إنما عليه القضاء وليس عليه كفارة وهو مفطر عمدا وكذلك مزدرد الحصاة عمدا عليه القضاء وهو مفطر متعمدا وليس عليه كفارة لأن الذمة بريئة فلا يثبت فيها شيء إلا بيقين والآكل عمدا لا يرجم ولا يجلد ولا يجب عليه غسل فليس كالمجامع والكلام في
(١٧٢)