التمهيد - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٥٤
يستحيل من دخول الجمل سم الخياط ولا يشك مسلم أن موسى كان عارفا بربه وما يجوز عليه فلو كان عنده مستحيلا لم يسأله ذلك ولكان بسؤاله إياه كافرا كما لو سأله أن يتخذ شريكا أو صاحبة وإذا امتنع أن يرى في الدنيا بما ذكرنا لم يكن لقوله * (إلى ربها ناظرة) * وجه الا النظر إليه في القيامة على ما جاء في الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل اللسان وجعل الله عز وجل الرؤية لأوليائه يوم القيامة ومنعها من أعدائه ألم تسمع إلى قوله عز وجل * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * وإنما يحتجب الله عن أعدائه المكذبين ويتجلى لأوليائه المؤمنين وهذا معنى قول مالك في تفسير هذه الآية وأما قوله في تأويل قول الله عز وجل * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * فإن أشهب روى عن مالك أنه سمعه وسئل عن قول الله تعالى * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * قال ينظرون إلى الله عز وجل قال موسى * (رب أرني أنظر إليك) * وعلى هذا التأويل في هذه الآية جماعة أهل السنة وأئمة الحديث والرأي ذكر أسد بن موسى قال حدثنا جرير عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط في قوله تعالى * (وجوه يومئذ ناضرة) * قال من النعمة * (إلى ربها ناظرة) * قال تنظر إلى الله قال وحدثنا حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن أبيه قال صلى بنا عمار بن ياسر وكان في دعائه اللهم إني أسألك النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»