التمهيد - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٦٨
معروف وتطوع ولا يجوز ذلك في البيع ولا يجوز عند الشافعي قسمة الثمرة قبل طيبها بالخرص على حال ويجوز عنده قسمتها مع الأصول على ما ذكرنا وقد قال في كتاب الصرف يجوز قسمتها بالخرص إذا طابت وحل بيعها والأول أشهر في مذهبه عند أصحابه) وقد قيل أن خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود كان من أجل الزكاة الواجبة في تلك الثمرة لا لغير ذلك والله أعلم (فكان يبعث من يخرص الثمار على أربابها توسعة عليهم ورفقا بهم لأنهم لو منعوا من أجل سهم المساكين من أكلها رطبا ومن التصرف فيها بالصلة والصدقة والأكل لاضر بهم ذلك وكانت عليهم فيه مشقة كبيرة ولو تركوا والتصرف فيها بالأكل وغيره لاضر ذلك بالمساكين وأتلف كثير مما تجب فيه الزكاة ولهذا ما كان (من) توجيه (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم للخارص وإرساله إياه لذلك والله أعلم والأصل أن أرباب الأموال أمناء والخرص لا يخرجهم عن ذلك لأنهم لم يخرص عليهم إلا رفقا بهم وإحسانا إليهم على حسب ما ذكرنا من إطلاقهم للتصرف في ثمارهم وحفظ ما يجب للمساكين فيها من حين طيبها فإن تبين لرب المال بعد الخرص زيادة على ما خرص الخارص أداها لأن الخرص حكم على الظاهر والاجتهاد فإذا جاءت الحقيقة بخلاف ذلك رجع إليها وفي هذا اختلاف بين السلف والخلف والصواب ما ذكرت والله أعلم ذكر عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول خرص ابن رواحة أربعين
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»