التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٤٠
بمخير الا في الضرورة لأن الله يقول * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) * فأما إذا حلق عامدا أو تطيب عامدا لغير عذر فليس بمخير وعليه دم لا غير واختلفوا فيمن حلق أو لبس أو تطيب ناسيا فقال مالك رحمه الله العامد والناسي في ذلك سواء في وجوب الفدية وهو قول أبي حنيفة والثوري والليث وللشافعي في هذه المسألة قولان أحدهما لا فدية عليه والاخر عليه الفدية وقال داود وإسحاق لا فدية عليه في شيء من ذلك إن صنعه ناسيا وأكثر العلماء يوجبون الفدية على المحرم إاذ حلق شعر جسده أو اطلا أو حلق موضع المحاجم وبعضهم يجعل عليه في كل شيء من ذلك دما وقال داود لا شئ عليه في حلق شعر جسده واختلفوا في موضع الفدية المذكروة فقال مالك يفعل ذلك أين شاء إن شاء بمكة وإن شاء ببلده وذبح النسك والاطعام والصيام عنده سواء يفعل ما شاء من ذلك أين شاء وهو قول مجاهد والذبح ها هنا عند مالك نسك وليس بهدي قال والنسك يكون حيث شاء والهدى لا يكون إلا بمكة وحجته في أن النسك يكون بغير مكة حديثه عن يحيى ابن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه أخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر وخرج معه من المدينة فمروا على حسين بن علي وهو مريض بالسقيا فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الموت خرج وبعث إلى علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه ثم إن حسينا أشار إلى رأسه فامر علي بن أبي طالب برأسه فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا قال مالك قال يحيى بن سعيد وكان حسين خرج مع عثمان في سفره إلى مكة فهذا واضح في أن الذبح في فدية الأذى جائز بغير مكة وجائز عند مالك في الهدى إذا نحر في الحرم إن يعطاه غير أهل الحرم لأن البغية فيه إطعام مساكين
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»