بقول الله عز وجل * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * قالوا ولم يقل فإن لم يكن رجل وامرأتان فشهادة ويمين ومن حجتهم أيضا أن اليمين إنما جعلت للنفي لا للاثبات وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم على المدعى عليه فلا سبيل للمدعى إليها قال أبو عمر وفي هذا اغفال شديد وذهاب عن طريق النظر والعلم وما في قول عز وجل * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * ما يرد به قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد وإنما في هذا ان الحقوق يتوصل إلى أخذها بذلك وليس في الآية أنه لا يتوصل إليها ولا تستحق إلا بما ذكر فيها لا غير واليمين مع الشاهد زيادة حكم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كنهيه عن نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها مع قول الله * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * وكنهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر وكل ذي ناب من السباع مع قول الله عز وجل * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه) * الآية وكالمسح على الخفين والقرآن إنما ورد بغسل الرجلين أو مسحهما ومثل هذا كثير ولو جاز ان يقال أن القرآن نسخ حكم رسول الله باليمين مع الشاهد لجاز أن يقال أن القرآن في قوله عز وجل * (وأحل الله البيع وحرم الربا) * وفي قوله * (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) * ناسخ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة وبيع الغرر وبيع ما لم يخلق إلى سائر ما نهى عنه في البيوع ولجاز أن يقال إن قول الله عز وجل * (خذ من أموالهم صدقة) * ناسخ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صدقة في الخيل والرقيق وهذا لا يسوغ لأحد لأن السنة مبينة للكتاب زائدة عليه ما أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في الحكم به ولو
(١٥٥)