التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
والناسي والساهي ليسا ممن دخل تحت النهي لاستحالة ذلك في النظر (*) فإن قيل فإنكم تجيزون الكلام في الصلاة عامدا إذا كان في شأن إصلاحها قيل لقائل ذلك أجزناه من باب آخر قياسا على ما نهى عنه من التسبيح في غير موضعه من الصلاة وإباحته للتنبيه على ما غفله المصلى من صلاته لمستدركه (1) واستدلالا بقصة ذي اليدين أيضا في ذلك والله أعلم وهذا المعنى قد نزع به أبو الفرج وغيره من أصحابنا وفيما قدمنا كفاية إن شاء الله وقد تدخل على أبي حنيفة وأصحابه مناقضة في هذا الباب لقولهم (ب) أن المشي في الصلاة لاصلاحها عامدا جائز كالراعف من يجرى مجراه عندهم للضرورة إلى خروجه وغسل الدم عنه ووضوئه عندهم وغير جائز فعل مثل ذلك في غير إصلاح الصلاة وشأنها فكذلك الكلام يجوز منه لاصلاح الصلاة وشأنها ما لا يجوز لغير ذلك إذا الفعلان منهى عنهما والله أعلم وممن قال من السلف بمعنى حديث ذي اليدين ورأى البناء جائزا لمن تكلم في صلاته ساهيا عبد الله بن الزبير وابن عباس وعروة وعطاء والحسن وقتادة والشعبي وروى أيضا عن الزبير بن العوام وأبي الدرداء مثل ذلك وقال بقول أبي حنيفة في هذا الباب إبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وروى عن قتادة أيضا مثله والحجة عندنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي القاضية فيما اختلف فيه وبالله التوفيق وفي هذا الحديث أيضا اثبات حجة مالك وأصحابه في قولهم إذا نسي الحاكم حكمه فشهد عليه شاهدان نفذه (ج) وأمضاه وإن لم يذكره لأن
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»