وقد زعمت طائفة أن أبا جعفر الطحاوي وكان إمام أهل زمانه ذهب إلى إباحة الشرب من المسكر ما لم يسكر وهذا لو صح عنه لم يحتج به على من ذكرنا قولهم من الأئمة المتبعين في تحريم المسكر ما ثبت من السنة وأنا اذكر ما حكاه الطحاوي ليتبين لك أن الأمر ليس كما ظنوا قال أبو جعفر في كتابه الكبير في الاختلاف اتفقت الأمة أن عصير العنب إذ اشتد وغلا وقذف بالزبد فهو خمر ومستحله كافر واختلفوا في نقيع التمر إذا غلا وأسكر قال فهذا يدل على أن حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام أنه قال الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة غير معمول به عندهم لأنهم لو قبلوا الحديث لكفروا مستحل نقيع التمر فثبت أنه لم يدخل في الخمر المحرمة غير عصير العنب الذي قد اشتد وبلغ ان يسكر قال ثم لا تخلو (1) الخمر من أن يكون التحريم معلقا بها فقط غير مقيس عليها غيرها أو يجب القياس عليها فوجدناهم جميعا قد قاسوا عليها نقيع التمر إذا غلا وأسكر كثيره وكذلك نقيع الزبيب قال فوجب قياسا على ذلك أن يحرم كل ما أسكر من الأشربة قال وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مسكر حرام واستغنى عن ذكر سنده لقبول الجميع له وإنما الخلاف بينهم في تأويله فقال بعضهم أراد به ما يقع السكر عنده كما لا يسمى قاتلا الا مع وجود القتل وقال آخرون أراد به جنس ما يسكر قال وقد روى
(٢٥٦)