قال أبو عمر هذا مجمله في من قتل خطأ ولم يكن له مال غير ديته ولو كان له مال غير ديته كان له أن يوصي بجميعها كما قال مالك وأما من قتل عمدا فله أن يعفو عن دمه وعن كل ما يجب له فيه كما له أن يصالح عليه بأكثر من الدية قال الله تعالى * (فمن تصدق به فهو كفارة له) * [المائدة 45] ذكر عبد الرزاق عن معمر عن بن طاوس عن أبيه أنه قال إذا تصدق الرجل بدمه وكان قتل عمدا فهو جائز قال وأخبرنا الثوري عن يونس عن الحسن قال إذا كان عمدا فهو جائز وليس في الثلث قال عبد الرزاق وقال هشام عن الحسن إذا كان خطأ فهو في الثلث قال وأخبرنا بن جريج قال أخبرني بن طاوس عن أبيه أنه قال إذا أصيب رجل فتصدق بنفسه فهو جائز قال فقلنا له ثلثه فقال بل كله قال وأما اختلاف الفقهاء في الوصية للقاتل فروى بن القاسم عن مالك قال إذا ضربه عمدا أو خطأ فأوصى له المضروب ثم مات من ذلك جازت الوصية في ماله وفي ديته إذا علم بذلك منه ولو أوصى له بوصية ثم قتله الموصى له عمدا أو خطأ فالوصية لقاتل الخطأ تجوز في ماله ولا تجوز في ديته وقاتل العمد لا تجوز له وصية من المقتول في ماله ولا في ديته وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والثوري لا تجوز وصية المقتول للقاتل وقال الطحاوي فإن أجازها الورثة جازت عند أبي حنيفة ومحمد ولم تجز عند أبي يوسف قال والقياس ما قاله أبو يوسف] لأنه لما جعلها كالميراث [في بطلانها في القتل وجب ألا تجوز بإجازة الورثة كما لا يجوز الميراث بإجازة الورثة قال ولا فرق بين الدية وسائر ماله لأن الجميع مال الميت موروث عنه قال ولا فرق أيضا بين أن تتقدم الجناية على الوصية أو تتأخر عنها لأن الوصية لو جازت كانت متعلقة بالموت وهذا قاتل بعد الموت فلا وصية له وقال الشافعي ولو عفا المجني عليه عمدا عن قود وعقل جاز فيما لزمه بالجناية ولم يجز في ما زاد لأن ذلك لم يجب بعد
(٥٨)