على دواب فنزلوا عنده قال حميد فقال أبو هريرة ادهب إلى أمي فقل إن ابنك يقرئك السلام ويقول أطعمينا شيئا قال فوضعت ثلاثة أقراص في صحفة وشيئا من زيت وملح ثم وضعتها على رأسي وحملتها إليهم فلما وضعتها بين أيديهم كبر أبو هريرة وقال الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودين الماء والتمر فلم يصب القوم من الطعام شيئا فلما انصرفوا قال يا بن أخي أحسن إلى غنمك وامسح الرعام (1) عنها وأطب مراحها وصل في ناحيتها فإنها من دواب الجنة والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان تكون الثلة من الغنم أحب إلى صاحبها من دار مروان قال أبو عمر في هذا الخبر ما كانوا عليه من إتحاف الضيف النازل بهم والقادم عليهم والداخل إليهم بما يسر من الطعام وهذا عند الجميع منهم كان معهودا بالسنة المعمول بها والمقدم إليهم بالخيار إن قدر على الأكل أكل وإلا فلا حرج ومن حسن الآداب أن يأكل منه ما قدر عليه لتطيب بذلك نفس الذي قدمه إليه وأما قوله أحسن إلى غنمك فالإحسان إليها ارتياد الراعي الحائط لها المتبع بها مواضع الكلأ وجيد المرعى وقوله امسح الرعام فالرعام ما يسيل من أنوفها من المخاط وقوله أطب مراحها يريد بالكنس وإبعاد الطين وإزاحة الوسخ عنه والمراح الموضع الذي تأوي إليه ليلا أو نهارا وقوله صل في ناحيتها فمأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم صلوا في مراح الغنم (1) وهذا أمر معناه الإباحة عند الجميع لأن المساجد أولى من مراح الغنم بالصلاة وفي إباحة الصلاة في مراحها دليل على إباحة بولها وبعرها وقد ذكرنا اختلاف العلماء في ذلك [وفي معنى النهي عن الصلاة في أعطان الإبل] في كتاب الصلاة
(٣٨٣)