الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٣٧٩
يلبث أن جاء عمر فقال ما أخرجك يا عمر قال الجوع قال وأنا قد وجدت بعض الذي تجد انطلقوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان وكان كثير النخل والشاء ولم يكن له خدم فأتوه فلم يجدوه ووجدوا امرأته فقالوا أين صاحبك فقالت ذهب ليستعذب لنا [الماء] من قناة بني فلان ما لبث أن جاء بقربته يزغبها فوضعها فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يلتزمه ويفديه بأبيه وأمه فانطلق بهم إلى ظل وبسط لهم بساطا ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه بين أيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تنقيت لنا من رطبه فقال أردت أن تتخيروا من رطبه وبسره فأكلوا ثم شربوا من الماء فلما فرغوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي أنتم عنه هذا ظل بارد والرطب البارد عليه الماء البارد ثم انطلق يصنع لهم طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبح ذات در قال فذبح لهم عناقا فأكلوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك من خادم قال لا قال [فإذا أتانا شيء أو قال سبي - فأتنا قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسان ليس لهما ثالث فأتاه أبو الهيثم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ أحدهما فقال يا رسول الله خر لي أنت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن خذ هذا فإني رأيته يصلي واستوص به معروفا فأتى به امرأته فحدثها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ما أنت ببالغ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حتى تعتقه قال هو عتيق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة الشر فقد وقي (1) قال أبو عمر في حديث مالك وفي هذا الحديث ما كان القوم عليه في أول الإسلام من ضيق الحال وشظف العيش وما زال الأنبياء والصالحون يجوعون مرة ويشبعون أخرى وقد تكلمنا على ما في هذا الحديث من معاني الآداب وغيرها في التمهيد وقال عبد الله بن رواحة في هذه القصة يمدح أبا الهيثم بن التيهان (فلم أر كالإسلام عزا لأهله * ولا مثل أضياف الأراشي معشرا) نبي وصديق وفاروق أمة * وخير بني حواء فرعا وعنصرا) فوافق للميقات قدر قضية * وكان قضاء الله قدرا مقدرا) (إلى رجل نجد يباري بجوده * شموس الضحى جودا ومجدا ومفخرا
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»