الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٣٤٢
ومعلوم أن الأمر بالشيء نهي عن ضده وهذا تأكيد منه صلى الله عليه وسلم في النهي عن الأكل بالشمال والشرب بها فمن أكل بشماله أو شرب بشماله وهو عالم بالنهي ولا عذر له ولا علة تمنعه فقد عصى الله ورسوله ومن عصى الله ورسوله فقد غوى وكذلك الاستنجاء باليمين والله أعلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء باليمين وأمر بالاستنجاء باليسرى والسنة في ذلك كله مجتمع عليها حدثني محمد بن إبراهيم قال حدثني أحمد بن مطرف قال حدثني سعيد بن عثمان قال حدثني إسحاق بن إسماعيل الأيلي العثماني قال حدثني سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن جده عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وهكذا روى الحميدي وعلي بن المديني ومسدد وبن المقرئ وغيرهم عن بن عيينة وحدثني عبد الرحمن بن يحيى وأحمد بن فتح قالا حدثني حمزة بن محمد قال أخبرنا القاسم بن الليث قال أخبرنا هشام بن عمار قال حدثني هقل بن زياد قال حدثني هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمنيه وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويأخذ بشماله ويعطي بشماله قال أبو عمر حمل قوم هذا الحديث وما كان مثله على المجاز في أكل الشيطان وشربه قالوا المعنى فيه أن الأكل بالشمال يحبه الشيطان كما قيل في الخمر زينة الشيطان وفي الاقتعاط بالعمامة عمة الشيطان أي أن الشيطان يرضاها ويزينها وكذلك يدعو إلى الأكل بالشمال ويزينه ليواقع المرء ما نهي عنه وهذا عندي ليس بشيء ولا معنى بحمل شيء من الكلام على المجاز إذا أمكنت فيه الحقيقة بوجه ما وفي هذا الحديث نص بأن الشيطان يأكل ويشرب
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»