وقد قيل إن الفضيخ هو خليط البسر والتمر وفي هذا الحديث ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الانقياد إلى الدين والإسراع إلى طاعة الله عز وجل ورسوله عليه السلام وفيه أن نبيذ البسر ونبيذ التمر خمر إذا أسكر وقد مضى هذا المعنى مجودا والحمد لله كثيرا وقد روى هذا الحديث عن أنس بن مالك جماعة يطول ذكرهم منهم سليمان التيمي وقتادة وثابت البنان وعبد العزيز بن صهيب والمختار بن فلفل وأبو التياح وأبو بكر بن أنس وخالد بن الفرز ولم يذكر واحد منهم كسر الجرار إلا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وحده وإنما في رواية غيره عن أنس أنه كفاها 1573 - مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر اشربوا هذا العسل قالوا لا يصلحنا العسل فقال رجل من أهل الأرض هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر قال نعم فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط فقال هذا الطلاء هذا مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه فقال له عبادة بن الصامت أحللتها والله فقال عمر كلا والله اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم قال أبو عمر قول عبادة لعمر في الطلاء المذكور في هذا الحديث أحللتها لهم يعني الخمر لم يرد به ذلك الطلاء بعينه ولكنه أراد أنهم يستحلونها فضيخ دون ذلك الطبخ ويعتلون بأن عمر أباح المطبوخ منها كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ستستحل أمتي الخمر فإنهم يسمونها غير اسمها ونحو هذا كما قال الشاعر (هي الخمر تكنى الطلا * كما الذئب يكنى أبا جعدة
(٣٢)