وروينا عن محمد بن جحادة قال كان الشعبي من أولع الناس بهذا البيت (ليس الأحلام في حين الرضا * إنما الأحلام في حال الغضب) وقال غيره (لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب *) وقال أبو العتاهية (أقلب طرفي مرة بعد مرة * لأعلم ما في الناس والقلب ينقلب) (فلم أر كنزا كالقنوع لأهله * وأن يجمل الإنسان ما عاش في الطلب) (ولم أر فضلا صح إلا على التقى * ولم أر عقلا تم إلا على أدب) (ولم أر في الأعداء حين خبرتهم * عدوا يفعل أعدى من الغضب) وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني عفان قال حدثني خالد قال حدثني ضرار بن مرة أبو سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل قال لما رأى يحيى أن عيسى مفارقه قال له أوصني قال لا تغضب قال لا أستطيع قال لا تقتني مالا قال عسى 1678 - مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب وقد ذكرنا في التمهيد الاختلاف على مالك وعلي بن شهاب في إسناد هذا الحديث وأوضحنا أن الصحيح فيه ما في الموطأ وفيه دليل على أن مجاهدة النفس في صرفها عن هواها أشد محاولة وأصعب مراما وأفضل من مجاهدة العدو والله أعلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل للذي يملك نفسه عند الغضب من القوة والشدة ما ليس للذي يغلب الناس ويصرعهم وقوله عليه السلام يريد الذي يصرع الناسع ويكثر ذلك منه كما يقال للرجل الكثير النوم نومة وللكثير الحفظ حفظة وقيل للذي يكثر الضحك ضحكة وللذي يضحك الناس منه ضحكة بالتخفيف
(٢٨٧)