الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٨٧
الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مالك قال بن شهاب فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين قال أبو عمر قد ذكرنا في ((التمهيد)) من توجيه ألفاظ هذا الحديث في الآداب وغيرها من وجوه العلم في أحكام اللعان ما ظهر لنا ونذكر ها هنا ما فيه من الفقه وأحكام اللعان أيضا بحول الله تعالى زعم بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي أن في هذا الحديث دليلا على أن الحد لا يجب بالتعريض في القذف لقول عويمر يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل وهذا عندي لا حجة فيه لأن المعرض به غير معين ولا جاء طالبا وإنما جاء الحد على من عرض بقذف رجل يشير إليه أو يسميه في مشاتمة أو منازعة ويطلب المعرض له ما يجب له من الحد إذا كان يعلم من المعرض أنه قصد القذف للمعرض به وزوجة عويمر لم يمسها ولا أشار إليها ولا جاءت طالبة وستأتي هذه المسألة في كتاب الحدود بما للعلماء فيها ووجوه معاني أقوالهم إن شاء الله عز وجل وفي قول عويمر [أيقتله فتقتلونه] [وسكوت] رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم يقل لا نقتله دليل على أن من قتل رجلا وجده مع امرأته أنه يقتل به وإن لم يأت ببينة تشهد له بزناه بها وستأتي هذه المسألة [مجودة] في كتاب الحدود في حديث مالك عن سهيل بن أبي صالح [إن شاء الله تعالى] وفيه أن الملاعنة لا تكون إلا عند السلطان وأنها ليست كالطلاق الذي ليس للرجل أن يوقعه حيث شاء وهذا إجماع من العلماء أن اللعان لا يكون إلا في المسجد الجامع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين المتلاعنين المذكورين في مسجده وذلك محفوظ في حديث بن مسعود وغيره وقد ذكرناه في ((التمهيد
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»