الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٥٨
وقد ذكرنا هذا المعنى من مذهبهم واضحا في الصرف وذكرنا مذهب الشافعي في المزابنة وما كان مثلها [فيما تقدم] وأما قول مالك [أنه] لا بأس تجب ألبان المطيب فهو مذهبه في اللحم الطري بالمطبوخ وكل ما غيرته الصنعة وخالفته في الغرض [فيه] بينه وبين غيره لا بأس عنده باللحم المطبوخ بالإناء بل باللحم النيء متفاضلا ومتماثلا يدا بيد ولا يباع - عنده - اللحم الرطب بالقديد إلا مثلا بمثل ولا متفاضلا وقال الشافعي لا يجوز بيع اللحم من الجنس الواحد مطبوخا منه بنيء منه بحال إذا كان إنما يدخر مطبوخا وكذلك المطبوخ [بالمطبوخ] لأنه لا يدري التساوي فيهما ولا ما أخذت النار من كل واحد منهما وقال الطحاوي قياس قول أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يباع النيء بالمشوي إلا يدا بيد مثلا بمثل إلا أن يكون في أحدهما شيء من التوابل فيكون الفصل في الآخر للتوابل قال أبو عمر يجيء على قياس قول أبي حنيفة ما ذكره الطحاوي قياسا على قوله في البر المقلو بالبر ويجيء أيضا على قوله في جواز الحنطة المبلولة باليابسة جواز ذلك وقد خالفه أبو يوسف فيه وقد تقدم ذكر ذلك [في بابه] والحمد لله كثيرا قال مالك في رجل باع سلعة من رجل على أنه لا نقصان على المبتاع إن ذلك بيع غير جائز وهو من المخاطرة وتفسير ذلك أنه كأنه استأجره بربح أن كان في تلك السلعة وإن باع برأس المال أو بنقصان فلا شيء له وذهب عناؤه باطلا فهذا لا يصلح وللمبتاع في هذا أجرة بمقدار ما عالج من ذلك وما كان في تلك السلعة من نقصان أو ربح فهو للبائع وعليه وإنما يكون ذلك إذا فاتت السلعة وبيعت فإن لم تفت فسخ البيع بينهما قال مالك فأما أن يبيع رجل من رجل سلعة يبت بيعها ثم يندم المشتري فيقول للبائع ضع عني فيأتي البائع ويقول بع فلا نقصان عليك فهذا لا بأس به لأنه ليس من المخاطرة وإنما هو شيء وضعه له وليس على ذلك عقدا بيعهما وذلك الذي عليه الأمر عندنا
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»