وإلى قول زيد ذهب مالك في ذلك واما بيع الذين خرجت لهم الصكوك بما فيها من الطعام قبل استيفائه لأن أخذهم لذلك الطعام لم يكن شراء اشتروه بنقد ولا دين وإنما كان طعاما خارجا عليهم في ديوان العطاء والعطاء شيء واجب لهم في الديون من الفيء فلم يكره لهم بيع ما في تلك الصكوك لما وصفنا وكره للذي ابتاع منهم ما فيها من الطعام بيعه قبل استيفائه لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من ابتاع طعاما أن يبيعه حتى يستوفيه)) وهذا بين واضح لمن يبينه وبالله التوفيق لا شرك له وروى معمر عن الزهري أن زيد بن ثابت وبن عمر كانا لا يريان ببيع الصكوك بأسا إذا خرجت قال ولا يحل لمن ابتاعها أن يبيعها حتى يقبضها ومعمر عن قتادة مثله 1298 - مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب إني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل فقال له سعيد أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت فقال نعم فنهاه عن ذلك قال أبو عمر هذا عندي ورع صادق لأنه كره له ما أضمر ونوى من أن يعطيهم من الطعام الذي اشترى قبل الاستيفاء خشية أن يقع في بيع الطعام قبل أن يستوفي ومعلوم أن الطعام المضمون الذي كان عليه لم يكن شيئا بعينه لا ذاك ولا غيره وإنما كان في ذمته القيمة مما شاء وقد كره مالك - رحمه الله - من ذلك الذي كرهه سعيد بن المسيب وروى أصبغ عن بن القاسم فيمن ابتاع طعاما على كيل أو وزن أو عدد أنه لا يبيعه ولا يواعد فيه أحدا حتى يقبضه ولا يبيع طعاما مضمونا عليه فنوى أن يقبضه من ذلك الطعام الذي اشترى كان ذلك الطعام بعينه أو بغير عينه قال أبو عمر قد يحتمل أن تكون الكراهة أن يحضرهم الكسل ويعطيهم إياه
(٣٧٧)